فصل: ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً}

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نواسخ القرآن



.بَابُ: ذِكْرِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ النَّسْخُ فِي سُورَةِ الْمُزَّمِّل:

.ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً}

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ، الْمَعْنَى: انْقُصْ مِنَ النِّصْفِ قَلِيلا أَوْ زِدْ عَلَى النِّصْفِ فَجُعِلَ لَهُ سَعَةً فِي مُدَّةِ قِيَامِهِ، إِذْ لَمْ تَكُنْ مَحْدُودَةً فَكَانَ يَقُومُ وَمَعَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَكَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ كُلَّهُ مَخَافَةَ أَنْ لا يَحْفَظَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ، فَنَسَخَ اللَّهُ ذَلِكَ عَنْهُ وَعَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} هَذَا مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَالُوا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ سُورَةٌ نَسَخَ آخِرُهَا أَوَّلَهَا سِوَى هَذِهِ السُّورَةِ وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ نُسِخَ قِيَامُ اللَّيْلِ فِي حَقِّهِ بِقَوْلِهِ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} وَنُسِخَ فِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَقِيلَ: نُسِخَ عَنِ الأُمَّةِ وَبَقِيَ فَرْضُهُ عَلَيْهِ أَبَدًا، وَقِيلَ إِنَّمَا كَانَ مَفْرُوضًا عَلَيْهِ دُونَهُمْ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَبْنَا عَلِيُّ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: أَبْنَا ابْنُ شَاذَانَ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو داود، قال بنا أحمد بن محمد، قال: بنا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ {قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً} نَسَخَتْهَا {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}.
أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَبْنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ قُرَيْشٍ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: أَبْنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْعَبَّاسِيِّ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي داود، قال: بنا زيد بن أخرم، قال: بنا بشر بن عمر، قال: بنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُتِبَ عَلَيْنَا قِيَامُ اللَّيْلِ فَقُمْنَا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُنَا وَكُنَّا فِي مَغْزًى لَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ الرُّخْصَةَ {أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} إلى آخر السورة.
قال أبو بكر: وبنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خلاد، قال: بنا يزيد، قال: بنا مُبَارَكٌ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: لَمَّا نزلت: {يا أيها الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} كَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ فَرِيضَةً، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةً قَالَ الْحَسَنُ: أَمَا وَاللَّهِ مَا كُلُّهُمْ قَامَ بِهَا فَخَفَّفَ اللَّهُ فَأَنْزَلَ آخِرَ السُّورَةِ {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى}، إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَبْنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَبْنَا ابْنُ بِشْرَانَ، قَالَ: أَبْنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَبْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قال: بنا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قتادة، عن زرارة بن أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ اللَّهُ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَوْلا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَأَمْسَكَ خَاتِمَتَهَا فِي السَّمَاءِ اثني عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةٌ فِيهَا يُسْرٌ وَتَخْفِيفٌ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ».
قال قتادة: نسختها {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} الآية.
قال أحمد: وبنا حَجَّاجٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما {يا أيها المزمل قُمِ اللَّيْلَ} قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ نَسَخَتْهَا هَذِهِ الآيَةُ {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ} الآية.
قال أحمد: وبنا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: فُرِضَ قِيَامُ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ، فَقَامَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا فِي السَّمَاءِ حَوْلا ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِهَا، فَقَالَ: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} فَنُسِخَ مَا كَانَ قَبْلَهَا.

.ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً}.

قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ إِيَّاكَ وَأَذَاهُمْ لك {وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً} لا جَزَعَ فِيهِ وَهَذِهِ مَنْسُوخَةٌ عِنْدَهُمْ بِآيَةِ السَّيْفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ قَتَادَةَ وَعَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ تَفْسِيرِهَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مُحْكَمَةً.

.ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً}.

زَعَمَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ قوله {ذَرْنِي} وَعِيدٌ، وَأَمْرُهُ بِإِمْهَالِهِمْ لَيْسَ عَلَى الإِطْلاقِ، بَلْ أَمَرَهُ بِإِمْهَالِهِمْ إِلَى حِينِ يُؤْمَرُ بِقِتَالِهِمْ فَذَهَبَ زَمَانُ الإِمْهَالِ فَأَيْنَ وَجْهُ النَّسْخِ؟.

.ذِكْرُ الآيَةِ الرَّابِعَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً}.

زَعَمَ بَعْضُ مَنْ لا فَهْمَ لَهُ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وَلَيْسَ هَذَا بِكَلامِ مَنْ يَدْرِي مَا يَقُولُ، لِأَنَّ الآيَةَ الأُولَى أَثْبَتَتْ لِلإِنْسَانِ مَشِيئَتَهُ، وَالآيَةَ الثَّانِيَةَ أَثْبَتَتْ أَنَّهُ لا يَشَاءُ حَتَّى يَشَاءَ اللَّهُ وَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ النَّسْخُ؟.

.بَابُ: ذِكْرِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ النَّسْخُ فِي سُورَةِ الْمُدَّثِّرِ:

.قَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً}.

هَذِهِ نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. وَالْمَعْنَى: خَلِّ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فَإِنِّي أَتَوَلَّى هَلاكَهُ. وَقَدْ زَعَمْ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا نُسِخَتْ بِآيَةِ السَّيْفِ. وهذا باطل من وجهين:
أحدهما: أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ وَعِيدٌ فَلا وَجْهَ لِلنَّسْخِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى نَظَائِرِهَا فِيمَا سَبَقَ.
وَالثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ وَآيَةُ السَّيْفِ مَدَنِيَّةٌ، وَالْوَلِيدُ هَلَكَ بِمَكَّةَ قبل نزول آية السيف.

.بَابُ: ذِكْرِ مَا ادُّعِيَ عَلَيْهِ النَّسْخُ فِي سُورَةِ هَلْ أَتَى:

.ذِكْرُ الآيَةِ الأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً}.

زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذِهِ تَضَمَّنَتِ الْمَدْحَ عَلَى إِطْعَامِ الأَسِيرِ الْمُشْرِكِ، قَالَ: وَهَذَا مَنْسُوخٌ بِآيَةِ السَّيْفِ.
أَخْبَرَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَبْنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: أَبْنَا الْبَرْمَكِيُّ، قَالَ: أَبْنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: أَبْنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: أَبْنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: بنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ سعيد بن جبير: {وَأَسِيراً} قَالَ: يَعْنِي مِنَ الْمُشْرِكِينَ، نَسَخَ السَّيْفُ الأَسِيرَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
قُلْتُ: وإنما أشار بهذا إِلَى أَنَّ الأَسِيرَ يُقْتَلُ وَلا يُفَادَى فَأَمَّا إِطْعَامُهُ فَفِيهِ ثَوَابٌ بالإجماع لقول عز وجل فِي كُلِّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ:
وَالآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّطَوُّعِ بِالإِطْعَامِ فَأَمَّا الْفَرْضُ فَلا يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَى الْكُفَّارِ.

.ذِكْرُ الآيَةِ الثَّانِيَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ}.

زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ السَّيْفِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى نَظَائِرِهَا، وَبَيَّنَّا عَدَمَ النَّسْخِ.

.ذِكْرُ الآيَةِ الثَّالِثَةِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً}.

قَالَ بَعْضُهُمْ، نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وقال: وكذلك قوله، في:

.باب: جزء عم: